كيف تُدار مشاريع اللاندسكيب؟ خطوات تطبيق دورة حياة إدارة المشروع

Project life cycle
Landscape projects life cycle

تخضع مشاريع اللاندسكيب بكامل تفاصيلها لمنهجيات إدارة المشاريع، تمامًا كما هو الحال في أي مشروع هندسي أو معماري آخر. فسواء كان المشروع صغيرًا كتصميم حديقة منزلية، أو ضخمًا كمخطط عمراني أو منتجع سياحي، فإن تطبيق منهجية إدارة المشاريع يُعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان نجاحه.

وقبل التطرق إلى المراحل الخمس التي تمر بها دورة حياة المشروع، من المهم أولًا توضيح المقصود بمصطلح "المشروع": فالمشروع هو مجهود مؤقت يُنفذ خلال فترة زمنية محددة بهدف إنتاج منتج أو خدمة فريدة، وتحقيق أهداف محددة مسبقًا. وبناءً عليه، يمكن تطبيق منهجيات إدارة المشاريع على مشروعات اللاندسكيب بكفاءة وفعالية، نظرًا لطبيعتها المرحلية والمعقدة وتعدد الأطراف المشاركة فيها.

تعريف المشروع فى سياق أعمال اللاندسكيب.

تُعرَّف مشروعات اللاندسكيب بشكل مبسط على أنها مجموعة من المهام التنفيذية التي يجب إنجازها ضمن إطار زمني محدد، وغالبًا ما تكون مدمجة داخل الجدول الزمني العام للمشروع الإنشائي الأكبر، بهدف تحقيق مجموعة واضحة من الأهداف. يتم تنفيذ هذه المهام من خلال فريق يُعرف باسم فريق المشروع، ويتكوّن عادةً من عدة أطراف تشمل شركات المقاولات، مقاولي الباطن، بالإضافة إلى الاستشاري العام للمشروع أو استشاري متخصص في أعمال اللاندسكيب. وسنتناول لاحقًا الأنماط المختلفة للهياكل التنظيمية المعتمدة في إدارة هذه النوعية من المشاريع.

كيف تمر مشاريع اللاندسكيب عبر دورة حياة الإدارة؟ شرح المراحل الخمس الأساسية.

يمر أي مشروع بعدة مراحل متعاقبة تُعرف باسم دورة حياة المشروع، وهي الإطار العام الذي يُنظّم العمل من بدايته حتى تسليمه النهائي. تساعد هذه المراحل على إدارة المشروع بشكل منهجي، وتضمن الانتقال السلس من مرحلة إلى أخرى لتحقيق الأهداف المرجوة. تتكوّن دورة حياة المشروع عادةً من خمس مراحل رئيسية:

أولاً: مرحلة البدء (Initiation).

تمثّل هذه المرحلة الخطوة الأولى نحو تحويل الفكرة إلى واقع. يتم خلالها تحديد نطاق المشروع، وأهدافه العامة، ووضع معايير دقيقة لقياس مدى التقدم نحو تحقيق تلك الأهداف. كما يتم تحديد وتصنيف أصحاب المصلحة الرئيسيين، وتقييم مدى تأثيرهم المحتمل على المشروع. وتشمل هذه المرحلة أيضًا حصر الموارد المتاحة (سواء كانت بشرية، مادية، أو مالية)، إلى جانب تقدير التكلفة العامة للمشروع والعائد المتوقع من تنفيذه.

ثانيًا: مرحلة التخطيط (Planning).

تُعد هذه المرحلة العمود الفقري لأي مشروع ناجح، حيث يتم فيها وضع خطة شاملة لتنفيذ الأعمال بكفاءة وفعالية. تشمل هذه الخطة:
  1. إعداد جدول زمني تفصيلي يراعي الموارد والتكاليف وفترة التنفيذ.
  2. تقدير دقيق للتكاليف المتوقعة.
  3. وضع خطة لإدارة المخاطر المحتملة وكيفية التعامل معها.
  4. تصميم استراتيجية تنفيذ واضحة.
  5. تحديد آلية فعالة للتواصل بين جميع الأطراف المعنية بالمشروع.
يتضمن التخطيط أيضًا إجراء تحليل معماري شامل للموقع، ما يؤثر على اختيار المواد النباتية وعناصر الهاردسكيب، إلى جانب تصميم أنظمة الري وتصريف المياه (سواء مياه الري أو مياه الأمطار). وبناءً على رؤية تصميمية واضحة، يتم إعداد المخططات التنفيذية اللازمة لبداية مرحلة التنفيذ.

ثالثًا: مرحلة التنفيذ (Execution).

في هذه المرحلة تتحول الخطط إلى واقع ملموس، بدءًا من تهيئة الموقع، والتي تشمل أعمال التجهيزات الأولية، وتسوية الأرض، وضبط المناسيب، والتنسيق مع أعمال البنية التحتية للمباني والطرق. يتبع ذلك تنفيذ شبكات الري والصرف، وإنشاء الجدران الاستنادية والأعمال الخرسانية الثقيلة، ثم تركيب عناصر الهاردسكيب مثل الممرات، المقاعد، وأعمدة الإنارة، وأخيرًا زراعة النباتات والأشجار. تتطلب هذه المرحلة تنسيقًا دقيقًا بين جميع الفرق الفنية وضمان جودة التنفيذ طبقًا للمخططات والمواصفات المعتمدة.

رابعًا: مرحلة المراقبة والتحكم (Monitoring and Control).

تُعد هذه المرحلة ضرورية لضمان بقاء المشروع على المسار الصحيح. يتم خلالها مراقبة تقدم الأعمال بصفة مستمرة للتأكد من الالتزام بالخطة الزمنية والميزانية المحددة. تشمل الأنشطة:
  1. متابعة يومية للأعمال في الموقع.
  2. مراجعة وتقييم الأعمال المنفذة ميدانيًا.
  3. إجراء الاختبارات اللازمة على المواد والمعدات.
  4. ضبط الانحرافات الفنية أو المالية فور حدوثها.

خامسًا: مرحلة الإغلاق (Closure).

تُمثّل هذه المرحلة التتويج النهائي للمشروع، حيث يتم تسليم الأعمال المنفذة إلى الجهة المالكة. وتشمل:
  1. إعداد التقارير النهائية الفنية والمالية.
  2. إنهاء العقود وصرف المستحقات.
  3. توثيق جميع الأعمال المنفذة من خلال مستندات رسمية.
  4. إعداد خطة صيانة شاملة تتضمن توقيع عقود صيانة أو الاستفادة من فترات الضمان، لضمان استدامة العناصر النباتية والإنشائية والحفاظ على جودة المشروع بعد تسليمه.

كيف تختار الهيكل التنظيمي المناسب لمشروع اللاندسكيب؟

تختلف الهياكل التنظيمية التي تُدار بها مشروعات اللاندسكيب حسب طبيعة المشروع، ومدى تعقيده، وعدد الجهات المشاركة فيه. حيث يمكن تنقسم الهياكل التنظيمية بشكل عام إلى ثلاثة أنماط رئيسية كالآتي:

أولاً: الهيكل الوظيفي (Functional Structure):

في هذا النموذج، تتم إدارة المشروع ضمن هيكل الشركة الأم، ويتم تنفيذ أعمال اللاندسكيب تحت إشراف الإدارات الفنية المختلفة مثل إدارة التنفيذ، إدارة المشتريات، وإدارة الجودة. يُستخدم هذا الهيكل عادة في المشاريع الصغيرة أو التي لا تتطلب تنسيقًا مستقلًا بشكل كبير. وعادةً ما يقوم المهندسون المعماريون المسؤولون عن تنفيذ الأعمال المعمارية الداخلية للمباني والمنشآت بتنفيذ أعمال اللاندسكيب، حيث تكون قياسات الأعمال ضمن القياسات العامة للمشروع.

ثانياً: الهيكل المصفوفي (Matrix Structure):

يجمع هذا النموذج بين الهيكل الوظيفي وهيكل إدارة المشاريع، حيث يتم تخصيص مدير مشروع لمشروع اللاندسكيب، يعمل بالتوازي مع مديري الإدارات المختلفة. يسمح هذا الهيكل بدرجة أعلى من المرونة والتخصص، وهو مناسب للمشاريع المتوسطة والكبيرة التي تحتاج إلى تنسيق دقيق بين التخصصات المختلفة. في هذا النموذج، يتم إسناد أعمال التنفيذ إلى مهندسين معماريين متخصصين في اللاندسكيب أو التخطيط العمراني بناءً على خبراتهم في تنفيذ المشاريع التخصصية.

ثالثاً: هيكل المشروع الكامل (Projectized Structure):

في هذا الهيكل، يتم تخصيص فريق كامل ومستقل لإدارة وتنفيذ مشروع اللاندسكيب، ويكون لمدير المشروع سلطة كاملة على الموارد واتخاذ القرارات. يُستخدم هذا النموذج في المشاريع الكبيرة أو المعقدة التي تتطلب تنسيقًا كاملاً وقيادة مركزية. تتميز هذه المشاريع باستقلالية في إصدار القياسات الخاصة باللاندسكيب، مع مواصفات خاصة وميزانية مستقلة.

كما يتم تعيين مهندسين من تخصصات مختلفة، مثل المهندسين الإنشائيين لتنفيذ الأعمال الخرسانية مثل الجدران الاستنادية وقواعد المظلات، وأعمال المنشآت الخفيفة والعناصر المائية وخزانات المياه ومحطات المعالجة إذا لزم الأمر. بالإضافة إلى المعماريين المعنيين بأعمال التشطيبات والفرش.

ومهندسي الميكانيكا للإشراف على الأعمال الميكانيكية لحمامات السباحة والنوافير وأنظمة الصرف المغطى (التحت سطحي)، وأيضًا مهندسي الكهرباء لتنفيذ أعمال الإنارة الخارجية ومحولات الكهرباء وأعمدة الإنارة والشواحن الذكية للسيارات. كما يمكن توظيف مهندسين متخصصين في أنظمة البيانات والشبكات وكاميرات المراقبة.

إذن، اختيار الهيكل التنظيمي المناسب يعتمد على حجم المشروع ومدى تعقيده، ويهدف إلى تحقيق التكامل بين الأطراف المعنية، وضمان وضوح خطوط السلطة والمسؤوليات، ما يسهم في تنفيذ المشروع بكفاءة وفعالية.

تعليقات