 |
| Risks and How to Manage them in Landscape Projects |
مشروعات اللاندسكيب قد تبدو للوهلة الأولى أكثر سهولة وانسيابية في التنفيذ مقارنة بمشروعات الإنشاءات التقليدية، لكن هل يعني ذلك أنها خالية من المخاطر؟ الواقع أن أي مشروع لاندسكيب ضخم يحمل مجموعة من التحديات والمخاطر التي تستدعي إدارة دقيقة.
فالمخاطر المحتملة تشمل التنسيق بين أعمال الإنشاءات والبنية التحتية والأعمال المعمارية، والتأكد من أن جميع الأنشطة متكاملة دون تضارب أو تأخير. كما أن هناك أعمال صرف المطر وبناء السدود الصغيرة أحيانًا، والتي تتطلب دراسة هندسية دقيقة لتجنب أية مشاكل مستقبلية.إضافة إلى ذلك، أعمال الري وإعادة استخدام المياه ومحطات المعالجة الموضعية تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان كفاءة التشغيل وعدم التأثير على باقي أنشطة المشروع.
في هذا السياق، سنلقي نظرة على أهم مخاطر مشروعات اللاندسكيب، مع تقديم طرق عملية لإدارتة تلك المخاطر استنادًا إلى الخبرة العملية، مع أمثلة واقعية توضح كيفية التعامل مع كل نوع من المخاطر لضمان نجاح المشروع وتحقيق أهدافه بكفاءة.المخاطر المحتمل حدوثها في مشروعات اللاندسكيب.
لا تخلو مشروعات اللاندسكيب من المخاطر المحتملة التي تتطلب إدارة دقيقة، ومن أبرز هذه المخاطر التي واجهتها بنفسي:
سوء التنسيق بين فريق التنفيذ وفريق المكتب الفني.
- فقدان السيطرة على الموقع: كم مرة فقدنا السيطرة بسبب عدم التواصل السريع بين فريق التنفيذ بالموقع ومهندسي المكتب الفني؟
- فجوة الاعتمادات: أحيانًا يتم استخدام مواد غير معتمدة أو تم تعديلها من قبل المكتب الفني دون علم مهندسي الموقع.
- تداخل الأعمال الزراعية مع المرافق: كم مرة تم زراعة أشجار أو شجيرات فوق غرف الصرف الصحي؟ أو تم تغيير أماكن النخيل دون مراعاة مواقع كابلات الكهرباء، أو تعديل مسارات خطوط الصرف الزراعي أسفل التربة دون الأخذ في الاعتبار عناصر الهاردسكيب مثل المشايات أو قواعد المظلات أو مناطق مواقف السيارات.
- تأخر إرسال الرسومات المعتمدة: عدم وصول آخر إصدار من الرسومات المعتمدة للموقع يؤدي إلى تأخر وصول المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب.
- تغييرات المناسيب دون علم المكتب الفني: مثل تعديل مناسيب الطرق دون التنسيق، ما يؤدي إلى عدم ربط الأعمال الأخرى مع الطرق بشكل صحيح.
- تعارض المستويات بين الأعمال المختلفة: مثل تقاطع أعمال البنية التحتية مع المشايات الخرسانية وحدوث تضارب بالمناسيب.
- مشكلات المواد المعمارية: استخدام مواد بها عيوب أو مشاكل تؤثر على جودة التنفيذ.
- تعقيد التنسيق بين الكهروميكانيك وأعمال الصرف الزراعي: خاصة في مشاريع اللاندسكيب على الأسقف الخرسانية.
- مخاطر المواد والزراعة: تأخير أو فشل في توريد النباتات، مشاكل جودة التربة، أو استخدام مواد غير مناسبة يؤثر على جداول المشروع وجودته.
سوء التنسيق بين الأقسام المختلفة بالموقع أثناء التنفيذ.
- تركيب البردورات قبل التخطيط الكامل للممرات: يؤدي إلى صعوبة مرور رافعات الأشجار الكبيرة والنخيل.
- الردم بالتربة قبل الانتهاء من الأعمال أسفلها: يؤدي إلى مشاكل في تركيب شبكات الري أو الكهرباء لاحقًا.
- تركيب خطوط شبكات الري قبل ضبط الجريدينج: ينتج عنه مواسير عالية عن المنسوب وتعرضها للتلف أو عدم دمكها جيدًا.
- صب الخرسانة للمشايات قبل إنهاء أعمال الرى والكهرباء: يؤدي إلى صعوبة دمج الأعمال وإمكانية تلف التركيبات.
- تركيب الرخام قبل إنهاء طبقات الرصف الأسفلتي: يسبب اتساخ الرخام وصعوبة تنظيفه.
- عدم تنفيذ الأعمال بنسب عالية: مثل صب المشايات قبل تركيب قواعد أعمدة الكهرباء، ما يؤدي إلى ترك مسافات غير مدكوكة جيدًا، وحدوث هبوط لاحق.
- اختيار مواسير غير مناسبة: مثل استخدام PVC في مناطق عالية الاستخدام بدلًا من مواسير بولي بروبلين المرنة.
- وضع محابس شبكات الري في مناطق صعبة الوصول: يصعب صيانتها أو تشغيلها لاحقًا.
- سوء التعامل مع طبقات العزل: يؤدي إلى تسريب المياه فيما بعد، ويتطلب خطة تنفيذ دقيقة حسب كل حالة.
- الاعتماد الصارم على خطط الفحص والاختبار (ITP) دون مرونة: يؤدي إلى عدم التكيف مع ظروف الموقع لخدمة البند والحصول على الجودة المطلوبة.
هذه الأمثلة الواقعية توضح أن إدارة المخاطر في مشروعات اللاندسكيب ليست خيارًا، بل ضرورة لضمان سير العمل بسلاسة والحفاظ على جودة المشروع، وتقليل الهدر والتأخير قدر الإمكان.
استراتيجيات إدارة المخاطر واقتراح حلول مناسبة.
المنهجية السليمة لإدارة المخاطر في مشروعات اللاندسكيب لا تقتصر على مجرد رصد المشاكل، بل تعتمد على وضع استراتيجيات واضحة وعملية لضمان سير المشروع بسلاسة ونجاح. ويمكن تلخيص هذه الاستراتيجيات في ثلاث خطوات رئيسية:تحديد المخاطر المحتملة لكل نشاط (Risk Identification).
كما أشرنا في مقال "التخطيط الجيد لمشروعات اللاندسكيب" - في فقرة خطة إدارة المخاطر - فإن الخطوة الأولى تتمثل في إجراء تحليل شامل لجميع مراحل المشروع لتحديد المخاطر المحتملة. ويتم ذلك عبر ورش عمل يشارك فيها فريق التنفيذ، الاستشاريون، والموردون، وذلك لضمان شمولية التقييم.
تشمل المخاطر المحتملة عدة جوانب مثل: اللوجستية، الهندسية، المناخية، القانونية، أو تلك المرتبطة بتوافر الموارد النباتية والمعدات المتخصصة. ويُفضل إعداد جدول يوضح:- رقم المسلسل للبند.
- الوصف العام للنشاط أو البند.
- الكمية (إن لزم الأمر).
- المخاطر المحتملة (حتى 4 مخاطر لكل نشاط كحد أقصى).
تحليل المخاطر المحتملة لدعم اتخاذ القرار (Risk Analysis).
بعد تحديد المخاطر، تأتي مرحلة التحليل لتقييم احتمالية حدوث كل خطر ومدى تأثيره على الجدول الزمني والميزانية وجودة التنفيذ. ويُستخدم في ذلك كل من:
- التحليل النوعي (Qualitative Analysis): لقياس المخاطر بصورة وصفية.
- التحليل الكمي (Quantitative Analysis): لقياس أثر المخاطر بالأرقام والبيانات لدعم القرار.
تصنيف المخاطر (Risk Categorization).
يُعد تصنيف المخاطر حجر الأساس في إدارتها، فبإستخدام مصفوفة تقييم المخاطر يمكننا تحديد:- درجة التأثير (Impact): مدى انعكاس الخطر على زمن التنفيذ، التكلفة، أو جودة المشروع.
- احتمالية الحدوث (Probability): مدى احتمال وقوع هذا الخطر أثناء التنفيذ.
ويتم الدمج بين هذين البعدين باستخدام أداة بصرية مهمة هي مصفوفة تقييم المخاطر (Risk Assessment Matrix)، والتي تساعد على تصنيف المخاطر حسب الأولوية وفقا لدرجه الخطوره درجة الخطورة (Risk Level ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجتها.
مثال تطبيقي على مصفوفة تقييم المخاطر في مشروعات اللاندسكيب
- زراعة أشجار فوق غرف الصرف الصحي: احتمالية مرتفعة + تأثير كبير → خطورة حرجة → الحل: مراجعة خرائط المرافق وتعديل مواقع الزراعة.
- تأخر توريد النباتات: احتمالية متوسطة + تأثير متوسط → خطورة متوسطة → الحل: اتفاقيات توريد بديلة وتوفير مخزون أمان.
- تعارض مناسيب المشايات مع الشبكات: احتمالية متوسطة + تأثير كبير → خطورة عالية → الحل: تثبيت المناسيب بعد الرفع المساحي وقبل الصب.
- استخدام مواسير غير مناسبة في مناطق قليلة الاستخدام: احتمالية منخفضة + تأثير منخفض → خطورة منخفضة → الحل: مراجعة المواد واعتمادها قبل الشراء والتنفيذ.
تخطيط الاستجابة للمخاطر (Risk Response Planning).
بعد تحديد المخاطر وتحليلها وتصنيفها، تأتي المرحلة الأهم وهي وضع خطة عملية للتعامل معها. الهدف من هذه المرحلة هو تقليل احتمالية وقوع الخطر أو التخفيف من أثره إذا حدث. وتشمل استراتيجيات الاستجابة ما يلي:
- التجنب (Avoidance): إزالة السبب الجذري للخطر بشكل كامل.
- التقليل (Mitigation): تقليل احتمالية الحدوث أو تخفيض حجم التأثير.
- التحويل (Transfer): نقل أثر الخطر إلى طرف آخر، مثل شركات التأمين أو المقاولين الفرعيين.
- القبول (Acceptance): في حال كان الخطر منخفضًا أو تأثيره غير جوهري على سير المشروع.
اتخاذ القرار بالتنفيذ (Implementation Decision).
هنا يتم حسم القرارات المتعلقة بكيفية التعامل مع كل خطر بناءً على التحليل السابق، باستخدام تقنيات عملية مثل تقنية "ROAM" في إدارة المخاطر فى مشاريع اللاندسكيب:
- R – Resolved : استبدال مادة يصعب توريدها بأخرى محلية متوفرة.
- O – Owned : تفويض بند معقد لمقاول متخصص.
- A – Accepted : كتحمل نسبة تضخم في بند الزراعة بسبب تغيرات السوق.
- M – Mitigated : عبر إجراءات وقائية تقلل الأثر المتوقع.
نموذج واقعي فى مشاريع سابقة
في أحد المشاريع السابقة كان مطلوب تنفيذ بند خرسانة ملونة Colored Concrete بمواصفات خاصة (أسمنت أبيض + سن صغير الحجم + صبغة لونية محددة) يتم صبها فوق مشايات مسلحة بسمك 10 سم، لإضفاء لمسة جمالية على اللاندسكيب وسط المسطحات الخضراء. كجهة مقاولات منفذة، كان أمامنا أربعة احتمالات وفقًا لتقنية ROAM:
- R – Resolved (يتم حلها):
- O – Owned (نقل الخطر إلي جهة محددة):
- A – Accepted (يتم قبولها):
- M – Mitigated (يتم تخفيفها):
النتيجة: تطبيق ROAM بهذه الطريقة يساعد المقاول على التفكير العملي، بدل ما يضيع وقت في الجدل، ويعطي حلول واضحة للمالك والاستشاري سواء بالاستبدال، التفويض، القبول أو التخفيف.
مراقبة المخاطر (Risk Monitoring).
في المشاريع العملاقة، تتغير الظروف والمعطيات باستمرار، ما يجعل المراجعة الدورية للمخاطر وتحديث سجلها ضرورة أساسية لتفادي المفاجآت. وتشمل عملية المراقبة:
- متابعة تقدم الأعمال باستخدام تقارير الحالة، الجداول الزمنية، ومخططات جانت.
- رصد أي انحراف عن الخطة فورًا، واتخاذ الإجراءات التصحيحية بسرعة.
توثيق الإجراءات والدروس المستفادة (Review).
توثيق المخاطر التي تمت معالجتها والإجراءات المتبعة خطوة حيوية، ليس فقط لأرشفة المشروع، بل أيضًا كجزء من منهجية "الدروس المستفادة - Learned Lessons" التي تُسجل ضمن إدارة المخاطر، للاستفادة منها في مشاريع مستقبلية وتحسين الأداء العام.
ختامًا: خطة إدارة المخاطر ليست إجراءات روتينية.
خطة إدارة المخاطر في مشروعات اللاندسكيب تمثل حجر الأساس الذي يُبنى عليه نجاح المشروع واستمراريته. ففي المشاريع العملاقة، تصبح المخاطر أكثر تعقيدًا وتشابكًا مع باقي الأنشطة، ما يجعل من إدارتها عنصرًا محوريًا يوازي في أهميته التصميم والتنفيذ معًا.
إن استخدام مصفوفة المخاطر لتقييم احتمالية وقوع الخطر وقوة تأثيره، ثم الاعتماد على تقنية ROAM لاتخاذ القرار الأمثل بشأن التنفيذ، يمنح الفرق إدارة المشروع أداة عملية وفعّالة للتحكم في مجريات المشروع. وبهذا النهج، يمكن تجاوز التحديات، واحتواء المتغيرات التي قد تطرأ خلال مسار التنفيذ.
لا تتردد في إضافة تعليقك، وسنرد عليك بأسرع وقت!