8 معايير أساسية يجب مراعاتها عند تصميم شبكات الري

معايير واجب معرفتها قبل تصميم شبكات الري فى اللاندسكيب
Key Irrigation Design Criteria

يعتمد تصميم شبكات الري في مشاريع اللاندسكيب على مجموعة من المعايير الفنية والهندسية التي تضمن كفاءة توزيع المياه، وتلبي احتياجات النباتات المختلفة، مع تقليل الهدر وتحقيق استدامة الموارد. تشمل هذه المعايير عوامل مناخية، وخصائص التربة، وأنواع النباتات، وشكل الموقع، والاعتبارات الاقتصادية. فهم هذه المعايير وتطبيقها بدقة يُعد أساسًا لنجاح أي نظام ري، سواء كان صغيرًا في حديقة منزلية أو كبيرًا في مشروع حضري أو زراعي واسع النطاق.

أولا: الظروف المناخية

تؤثر الظروف المناخية بشكل مباشر على تصميم نظام الري وكفاءته، حيث تُعد الأمطار والرياح ودرجات الحرارة ومعدلات التبخر من العوامل الأساسية التي تتحكم في كمية المياه المطلوبة، وطريقة توزيعها، وتوقيت الري. يهدف هذا الجزء إلى تحليل أبرز المؤثرات المناخية وكيفية مراعاتها للحصول على نظام ري فعّال واقتصادي يلبي احتياجات النباتات دون هدر للمياه.

  • الأمطار

يُعد معدل هطول الأمطار السنوي من العوامل الأساسية التي تؤثر على اختيار المواد النباتية ونظام الري المناسب لكل منطقة. ورغم أن مكاتب الأرصاد الجوية توفر بيانات دقيقة عن كميات الأمطار لكافة المحافظات، إلا أن هذه المعلومات وحدها لا تكفي لتحديد مدى الحاجة إلى نظام ري دائم. فهناك ستة عوامل رئيسية تتحكم في مدى الحاجة لتوفير مياه إضافية تتجاوز كميات الهطول الطبيعي، وهي:
  1. طول موسم النمو.
  2. معدل هطول الأمطار خلال موسم النمو.
  3. معدل التبخر.
  4. نوع التربة.
  5. معدل النتح للنباتات المُراد ريّها.
  6. الاحتياجات المائية للغطاء النباتي.

ومن بين هذه العوامل، يُعتبر عجز المياه (وهو الفرق بين كميات الأمطار المتاحة وكمية المياه المطلوبة للنمو السليم) هو العامل الأهم الذي يُحدد الحاجة إلى الري.

تتوفر بيانات الأمطار ومعدلات النتح-التبخر (Evapotranspiration) من خلال مكاتب الأرصاد الجوية المحلية، وهي تُستخدم كمرجع رئيسي في تصميم أنظمة الري.

  • الرياح

تلعب الرياح دورًا كبيرًا في التأثير على كفاءة توزيع المياه في أنظمة الري التقليدية؛ إذ تؤدي إلى انحراف الرشاشات عن نطاقها المحدد، مما قد يتسبب في ريّ مناطق غير مقصودة وترك مناطق أخرى جافة. ولتقليل هذا التأثير، يُنصح بـ:
  • ضبط توقيت التشغيل في ساعات الصباح الباكر، حين تكون سرعة الرياح في أدنى مستوياتها.
  • تعديل توزيع الرشاشات من حيث المسافة، وزاوية القذف، والموقع، بحيث يتلاءم التصميم مع اتجاهات الرياح السائدة.
  • استخدام رشاشات منخفضة القذف وذات فتحات أكبر، مما يقلل من تأثر مسار المياه بالرياح.

ويُلاحظ أن المناطق ذات الرياح المستمرة تُسجّل معدلات تبخر أعلى، وبالتالي فإنها تحتاج إلى كميات مياه إضافية لضمان ريّ فعّال ومتوازن.

ثانيا: خصائص التربة

معدل التسرب (Percolation) من الخصائص الهامة التي تؤثر على تصميم أنظمة الري التقليدية، بينما يصبح الفعل الشعري (Capillary Action) مهمًا عند الحاجة إلى حركة جانبية للماء كما هو الحال في الري بالتنقيط أو الري بالمساطب.

في أنظمة الري بالتنقيط، تُعرف المنطقة المبللة باسم "البصلة" (Onion)، حيث تظهر كمنطقة مبللة على شكل بصلة في التربة الطينية (Loam)، أما في التربة الرملية فتأخذ شكلًا أقرب للجزر.

في الأنظمة التقليدية، الهدف هو ريّ التربة بمعدل لا يتجاوز قدرتها على الامتصاص لتفادي الجريان السطحي (Runoff). تقبل التربة النموذجية حوالي 8 ملم (⅓ بوصة) في الساعة قبل حدوث الجريان. بعض الرشاشات قد تنتج معدل هطول يصل إلى 100 ملم (4 بوصات) في الساعة، لذا يجب ضبط توقيت التشغيل وفقًا لمعدل تسرب التربة ومعدل هطول الرشاشات. وقد يتطلب الأمر دورة ريّ متكررة أو تقسيم الزمن على أكثر من مرة لتفادي الجريان السطحي.

في أنظمة الري بالتنقيط، من المهم تحديد مدى امتداد منطقة الجذور، وتصميم "البصلة" لتغطي هذا النطاق. في المناطق قليلة الأمطار التي تعتمد كليًا على الري بالتنقيط، تنمو الجذور نحو هذه البصلة. أما إذا كان الريّ مكملاً، يصبح التصميم أكثر دقة نظرًا لتوزع الجذور. وقد تتطلب التربة الرملية عددًا أكبر من النقاطات (Emitters) ودورات ريّ أقصر.

ثالثا: المواد النباتية

فهم المواد النباتية ضروري جدًا عند تصميم أنظمة الري، فلكل نبات متطلبات خاصة يجب تلبيتها للحفاظ على صحته ومظهره.

على سبيل المثال:
  • الورود عرضة للإصابة بالبياض الدقيقي والصدأ وأمراض أخرى عند تعريض أوراقها للماء، كما هو الحال مع العديد من النباتات الأخرى.
  • بينما الكاميليا والأزاليا والرودودندرون تُفضل الريّ العلوي لتحصل على أفضل نمو ومظهر.

رابعا: وقت الري المتاح

عادةً ما يكون وقت الري المتاح قضية مهمة فقط في المشاريع الكبيرة مثل ملاعب الجولف. وبعد تحديد كمية المياه المطلوبة وعدد ساعات الري المتوفرة، يمكن حساب حجم المضخة اللازم أو قطر خط التغذية الرئيسي (إذا كان الري موصولًا بشبكة المياه العامة).

كلما زاد عدد الرشاشات العاملة في الوقت نفسه، زاد الطلب على المياه وبالتالي زاد حجم المصدر المطلوب.
ساعات الصباح الباكر هي الأفضل للري، إذ تكون سرعة الرياح منخفضة، والتبخر في حده الأدنى، ولا تبقى أوراق النباتات مبللة لفترات طويلة.

خامسا: حجم وشكل الموقع

في مشاريع اللاندسكيب، نادرًا ما تسمح أشكال المناطق المراد ريّها باعتماد توزيع مثلثي متساوي الأضلاع للرشاشات، كما توصي به الشركات المصنّعة. لذلك، تميل التصاميم الصغيرة عادةً إلى استخدام التوزيع المربع ما لم تكن المنطقة ذات شكل حر أو غير منتظم.
أما المساحات الكبيرة مثل الحقول الرياضية، فعادة ما تُصمَّم باستخدام توزيع مثلثي لتحقيق تغطية أفضل وكفاءة أعلى.

سادسا: موقع المباني، والأشجار، والعناصر الثابتة الأخرى

يجب أخذ العناصر الثابتة في الموقع (كالمباني، والأشجار، والهياكل الأخرى) بعين الاعتبار عند تصميم أنظمة الري، ويجب تحديد مواقعها على مخطط الأرض منذ بداية المشروع.

يُمنع توجيه الرشاشات مباشرة نحو شجرة أو شجيرة من مسافة قريبة، لما قد يُسببه ذلك من ضرر للنبات، بالإضافة إلى تشكّل فراغ غير مروي على الجانب الآخر من العائق.

وجود مبانٍ داخل نطاق تغطية الرشاشات يؤدي إلى هدر المياه، وتشبّع التربة بالماء بجوار الجدران، وقد يؤدي أيضًا إلى تكوّن ترسيبات ملحية على الطوب أو الحوائط، مما يُسبب تغيرًا غير مرغوب في المظهر.

الممرات وخطوط الملكية يجب أن تُؤخذ في الحسبان كذلك:

  • بعض أنظمة الممرات تكون معقدة لدرجة أن الحل الأمثل هو تجاهلها وإدراجها ضمن منطقة التغطية.
  • هذا يسمح باستخدام رشاشات دوّارة كبيرة بدلًا من رؤوس الرشاشات الرذاذية (Spray heads).
  • إلا أن القوانين المحلية أو طبيعة استخدام الممر قد تمنع هذا النوع من التغطية لأسباب تتعلق بالسلامة أو الانزعاج.
  • كما أن احتمال إزعاج المشاة أو تعرضهم للماء المفاجئ يُعد من الأمور الواجب التفكير فيها.
  • إذا كانت المياه قد تتجاوز الموقع وتصل إلى ملكية مجاورة، يجب التواصل مع أصحاب العقار قبل تنفيذ التصميم.

سابعا: التغيرات في الارتفاع (المنسوب)

أي موقع يحتوي على فروقات كبيرة في الارتفاع يتطلب استخدام خريطة طبوغرافية خلال التصميم.
  • الضغط (Pressure) يُقاس بالكيلو باسكال (kPa) أو بالباوند لكل إنش مربع (psi).
  • الأتربة المستوردة إلى الموقع قد تختلف في خواصها الصرفية عن التربة الأصلية الموجودة، وهذا يجب مراعاته.
  • الأتربة المرتفعة (Berms) تصرف المياه بسرعة أكبر من الأرض المستوية نظرًا لانحدارها، ولذلك تُروى غالبًا بمحطة مستقلة أو يتم تصميم النظام بحيث تحصل على كمية مياه إضافية.
ينبغي أيضًا إيلاء اهتمام كبير لموقع الرشاشات بالنسبة للنباتات، كوضع رشاش عند أسفل ربوة قد يؤدي إلى نحت قاعدة النباتات المزروعة أعلى المنحدر بفعل ضغط المياه.

ثامنا: الاعتبارات الاقتصادية

يصعب تحديد تكلفة نظام الري بدقة قبل الانتهاء من التصميم الكامل والمواصفات الفنية. كما تختلف التكلفة بشكل كبير بين منطقة جغرافية وأخرى. من حيث سعر القدم المربع، فإن ريّ المساحات العشبية الكبيرة يكون أقل تكلفة من ريّ المناطق الصغيرة ذات التكوين النباتي المتنوع.

يجب أيضًا مراعاة أساليب التركيب ومشاكل الصيانة المحتملة، حيث إن الهندسة الهيدروليكية السليمة يمكن أن تمنع مشاكل باهظة التكاليف في المستقبل.

من الأمور المهمة أيضًا تكاليف الصيانة طويلة الأجل:

  • على سبيل المثال، قد يكون الرأس المنبثق (Pop-up) أغلى ثمنًا من الرأس الثابت عند الشراء،
  • ولكن في المسطحات الخضراء، تُستنزف هذه الوفورات بسرعة بسبب التكاليف الإضافية للصيانة.
  • التخريب (Vandalism) أيضًا يُعد تحديًا، خاصة في الأنظمة التي تحتوي على أجزاء مكشوفة.

أهم النقاط لمعايير تصميم الري

  1. العنصر المناخي الأهم هو عجز المياه خلال موسم النمو (الفرق بين الأمطار ومتطلبات النباتات).
  2. المناطق ذات الرياح القوية تحتاج كميات مياه أكبر، ويجب ضبط توقيت التشغيل عند انخفاض الرياح أو استخدام رؤوس رش ذات خصائص معينة.
  3. الهدف الرئيسي في الرش التقليدي هو عدم تجاوز قدرة التربة على الامتصاص لمنع الجريان السطحي. في الري بالتنقيط، يجب تصميم منطقة الري لتغطي كامل الجذور.
  4. أفضل وقت للري هو ساعات الصباح الباكر لانخفاض الرياح وقلة التبخر.
  5. تُستخدم المسافات المربعة في التصاميم الصغيرة، أما المناطق الكبيرة (مثل الملاعب) فتُفضل فيها المسافات المثلثة.
  6. يجب ألا ترش الرؤوس مباشرة على نبات أو مبنى أو جسم قريب لتجنب التلف وتفادي وجود مناطق غير مروية خلف العائق.
  7. اختلاف الارتفاعات يؤثر على ضغط المياه وقد يؤدي لتصريف غير مرغوب فيه، لذا يجب تعويضه بتخطيط المعدات والأنابيب بشكل مناسب.

خاتمة: الإهتمام بتصميم شبكات الري هو الإستثمار الحقيقي

كل معيار من هذه المعايير الثمانية يُمثل ركيزة أساسية لضمان تحقيق التوازن بين الكفاءة المائية وجودة النمو النباتي والاستدامة البيئية. ولذلك، فإن تجاهل أي عنصر منها قد يؤدي إلى هدر الموارد، أو تدهور الغطاء النباتي، أو زيادة التكاليف التشغيلية والصيانية مع مرور الوقت.

لذا، فإن اتباع نهج علمي مدروس عند تخطيط وتصميم شبكات الري هو الاستثمار الحقيقي لضمان نجاح المشروع على المدى الطويل.

تعليقات