![]() |
Salt-Tolerant Plants Greening the Gulf’s Saline Lands |
أثناء تحليل المواقع الزراعية أو التخطيط للمشاريع الخضراء في مناطق الخليج،
غالبًا ما نصطدم بمشكلة ملوحة التربة. وهنا يتبادر السؤال: هل يعني ذلك إلغاء
فكرة الزراعة تمامًا؟ أم أن هناك معايير لنسب الأملاح المقبولة يمكن التعامل
معها، بل ونباتات قادرة على مقاومة هذه الظروف؟
ما هي ملوحة التربة ومن أين تأتي؟
أسباب ملوحة التربة في مناطق الخليج
- المناخ الصحراوي الجاف وارتفاع درجات الحرارة، مما يزيد معدلات التبخر ويترك الأملاح مترسبة على سطح التربة.
- الاعتماد على المياه الجوفية المالحة أو مياه الري المعالجة جزئيًا، ما يفاقم تراكم الأملاح بمرور الوقت.
- ضعف أنظمة الصرف الزراعي، الذي يمنع التخلص من الأملاح الزائدة.
- تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية في السواحل، وهو ما يؤدي إلى تسرب الأملاح إلى باطن الأرض.
تأثير ملوحة التربة والمياه على المزروعات.
- ضعف امتصاص الماء (الإجهاد الأسموزي):
- تسمم الأيونات الضارة:
- تدهور بنية التربة:
- إعاقة امتصاص العناصر الغذائية:
- تأثير على العمليات الحيوية:
- زيادة تكاليف الزراعة والصيانة:
الخلاصة: الملوحة لا تؤثر فقط على نمو وصحة النبات، بل تمتد لتشمل جودة التربة، تنوع المزروعات، وتكاليف الإنتاج الزراعي، وهو ما يجعل إدارتها من أولويات استدامة المشاريع الزراعية واللاندسكيب.
هل هناك حل للتخفيف من آثار ملوحة التربة في مشروعات اللاندسكيب؟
يعد إنشاء المسطحات الخضراء في المناطق الصحراوية أو القريبة من السواحل، مثل دول الخليج العربي، تحدياً كبيراً بسبب ارتفاع ملوحة التربة، ما يرفع تكلفة التنفيذ ويؤثر على استدامة المزروعات. لذلك، يصبح من الضروري إجراء تحليل دقيق للتربة والموقع قبل البدء واقتراح حلول عملية.
وحتى مع الاعتماد على نباتات مقاومة للملوحة، يظل تحسين ظروف الزراعة خطوة أساسية لضمان نجاح التصميم واستمرارية نمو النباتات. لذلك، تبرز مجموعة من الاستراتيجيات الزراعية الذكية التي تساعد على تقليل تأثير الملوحة وتعزيز نمو النباتات، مما يضمن نجاح مشاريع اللاندسكيب في المناطق الصحراوية أو الساحلية ذات التربة المالحة.
- اختيار نباتات متحملة للملوحة بحيث تستمر في النمو والإزهار دون تراجع في الجودة. كما يمكن إحلال التربة بأخرى متعادلة أو محسّنة مع مراعاة توافق النباتات مع الوسط الجديد.
- تعديل وتحسين التربة يعد خطوة أساسية، ومن أبرز الطرق استخدام الجبس الزراعي (كبريتات الكالسيوم) لطرد الصوديوم من التربة وتقليل ملوحتها، مع تحسين التهوية والصرف لمنع تراكم الأملاح على السطح. ويمكن أيضًا تحسين التركيبة بإضافة مواد مثل الرمل الخشن أو البيرلايت لتعزيز تهوية التربة واحتفاظها بالرطوبة، مما يهيئ بيئة أفضل لنمو النباتات حتى في الظروف الصعبة.
- إدارة الري بذكاء عبر استخدام مياه أقل ملوحة أو تطبيق تقنيات الغسيل للتربة. ويُعد الري بالتنقيط أحد الحلول الذكية التي توصل المياه مباشرة لجذور النباتات، مما يقلل التبخر ويمنع تراكم الأملاح. ويمكن ربط النظام بأجهزة استشعار لمستوى الملوحة والرطوبة للتحكم الدقيق في كمية المياه، وزيادة كفاءة الري وصحة النباتات.
- الاستفادة من المياه المعالجة خيار شائع وفعال في الخليج، بشرط مراقبة مستوى الملوحة وتنقيتها بانتظام. يكون هذا الخيار أكثر نجاحًا عند استخدامه مع النباتات المقاومة للملوحة، لتحقيق توازن بين الحفاظ على الموارد والنمو الصحي للمساحات الخضراء.
- تحسين التربة باستخدام مواد عضوية أو محسنات كيميائية، والتسميد العضوي بالكمبوست والأسمدة الطبيعية، يزيد النشاط الميكروبي ويحوّل الأملاح الضارة إلى مركبات أقل تأثيرًا، ويحسّن قدرة التربة على الاحتفاظ بالرطوبة، ما يوفر بيئة ملائمة لجذور النباتات.
- اختيار توقيت مناسب للزراعة خلال مواسم معتدلة كالربيع والخريف يقلل من تبخر المياه وترسيب الأملاح، ويساعد النباتات على التأقلم بسرعة مع البيئة الجديدة.
- غسيل التربة الدوري باستخدام مياه منخفضة الملوحة يمنع تراكم الأملاح في منطقة الجذور، خاصة في الصيف مع ارتفاع التبخر، ويحافظ على بيئة صحية لنمو النباتات وتحسين إنتاجيتها.
خصائص النباتات المقاومة للملوحة وكيف تتكيف مع الظروف القاسية
أولاً: الخصائص الفسيولوجية (الوظيفية).
- تنظيم امتصاص الأملاح (Selective Ion Uptake): تمتص النباتات العناصر المفيدة وتمنع تراكم العناصر السامة مثل الصوديوم والكلوريد داخل خلاياها.
- احتجاز الأملاح داخل الفجوات الخلوية (Ion compartmentalization): تحتجز الأملاح بعيدًا عن مواقع النشاط الحيوي مثل السيتوبلازم لتجنب تأثيرها الضار على العمليات الحيوية.
- إنتاج مركبات عضوية لحماية الخلية (Osmoprotectants): مثل البرولين والبيتائين، للحفاظ على توازن الماء داخل الخلية وتقليل الضغط الأسموزي الناتج عن الأملاح.
- كفاءة استخدام الماء: تتحكم هذه النباتات في فتحات الثغور لتقليل التبخر دون التأثير على التمثيل الضوئي.
ثانياً: الخصائص التركيبية (المورفولوجية).
- أوراق لحمية (Succulent leaves): تخزن الماء داخلها لمواجهة الجفاف الناتج عن ملوحة التربة، مثل نبات الساليكورنيا.
- غدد ملحية على سطح الأوراق (Salt glands or bladders): بعض النباتات تفرز الأملاح الزائدة عبر شعيرات أو غدد، فتبدو مغطاة بطبقة بيضاء من الملح.
- جذور متعمقة أو سطحية فعّالة: بعض النباتات تمتلك جذورًا عميقة للوصول إلى طبقات أقل ملوحة، أو جذورًا سطحية واسعة لجمع الرطوبة بسرعة.
- طبقة شمعية على الأوراق (Thick cuticle): تقلل فقدان الماء وتحسن مقاومة النباتات للتأثيرات البيئية الضارة.
أمثلة على نباتات مقاومة للملوحة.
بالطبع، هناك أنواع نباتات تعكس قدرة الله في الطبيعة على التكيف مع الظروف القاسية. هذه النباتات، المعروفة بالمتحملة للملوحة، طورت آليات فسيولوجية وتركيبية تمكنها من البقاء والنمو في بيئات شديدة الملوحة والجفاف.
- الساليكورنيا تستخدم في الزراعة الغذائية وتزيين المساحات الخضراء، وتعزل الأملاح الزائدة وتفرزها للحفاظ على صحة النبات.
- النخيل يُزرع لأغراض اقتصادية ويمتاز بامتصاص انتقائي للأملاح وكفاءة عالية في استخدام الماء.
- الأكاسيا تُستخدم في تشجير المناطق الجافة، وتمتلك جذورًا عميقة وتساهم في تثبيت النيتروجين في التربة.
- الزويليا، أو Zoysiagrass، تُزرع في المسطحات الخضراء وتتحمل ملوحة مياه الري.
أفضل النباتات المقاومة للملوحة المناسبة لتصميم اللاندسكيب في الخليج.
- النخيل (Phoenix dactylifera): يتحمل الملوحة العالية والجفاف. مثالي كعنصر عمودي بارز في التصميمات. ويوفر الظل ويُستخدم أيضًا في الزراعة الإنتاجية.
- شجرة الغاف (Prosopis cineraria): شجرة صحراوية تتحمل ملوحة التربة والمياه. تعمّق جذورها يساهم في تثبيت التربة وتحسين التربة المحيطة. ظلالها مريحة وتناسب الحدائق الكبيرة.
- شجرة الأراك (Salvadora persica): تتحمل الملوحة والحرارة المرتفعة. تُستخدم كسياج طبيعي أو شجيرة تنسيقية. وجذورها تُستخدم تقليديًا كسواك.
- الملفوف الملحي (Atriplex): نبات شجيري يتحمل الملوحة الشديدة. يُستخدم كمغطٍٍّ أرضي أو شجيرات منخفضة.و يمتاز بلون أوراقه الرمادي الذي يضفي تباينًا بصريًا جميلًا.
- عشب البحر الزاحف (Sesuvium portulacastrum): نبات زاحف مثالي لتثبيت التربة على الشواطئ والمناطق المالحة. سريع النمو، ويُستخدم كمغطٍٍّ أرضي. ويتحمل الملوحة العالية ومياه الري المالحة.
- نبات العشر أو التفاح السام (Calotropis procera): شجيرة برية شديدة التحمل. تستخدم في المناطق المفتوحة ذات التربة الهامشية. وهي زهراتها بنفسجية وتضفي لمسة جمالية فريدة.
أمثلة لمشاريع لاندسكيب ناجحة في الخليج استخدمت نباتات مقاومة للملوحة.
- مشروع حدائق خور دبي (الإمارات): استخدم المشروع نباتات محلية مثل الطلح (Acacia) والسرحان (Tamarix) التي تتحمل الملوحة والجفاف، مما قلل من الحاجة للري المتكرر ورفع كفاءة استخدام المياه.
- الواجهة البحرية في مدينة جدة (السعودية): تم استخدام نباتات مثل الأثل (Tamarix aphylla) والقرطم (Calotropis procera) التي تتميز بتحملها للملوحة والحرارة، مع تصميم مساحات خضراء تعتمد على الري بالتنقيط لتوفير المياه.
- حدائق المتحف الوطني في قطر: استُخدمت نباتات صحراوية متكيفة مثل الصبار ونباتات العرفج (Ziziphus)، مع تطبيق تقنيات لتجميع مياه الأمطار وتخزينها لري النباتات، مما جعل المشروع نموذجًا للاستدامة في الظروف القاسية.
التصميم غير الواقعي: تكلفة مالية وهدر موارد محتمل في مشاريع اللاندسكيب.
ومن هنا ننصح مكاتب التصميم بإعطاء أولوية قصوى لدراسة وتحليل التربة قبل البدء في أي تصميم، خصوصًا في المشاريع الضخمة حيث يمثل كل قرار تكلفة مالية مباشرة. اختيار النباتات المناسبة للبيئة المحلية والمتكيفة مع ملوحة التربة والمناخ لا يضمن فقط استدامة المشروع، بل يقلل أيضًا من تكاليف الري والصيانة على المدى الطويل.
لا تتردد في إضافة تعليقك، وسنرد عليك بأسرع وقت!